منتديات نور للايمان ميلة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور للايمان ميلة
منتديات نور للايمان ميلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصدق … دينوتولوجيًا

اذهب الى الأسفل

الصدق … دينوتولوجيًا Empty الصدق … دينوتولوجيًا

مُساهمة من طرف عاشق المواهب الأحد 17 نوفمبر - 2:23

الصدق … دينوتولوجيًا




قد يستغرب القارئ من العنوان فالصدق بظنه معلوم كما هو مشهور بين الناس، ولكن ماذا يعني بكلمة دينوتولجيًا وهنا يجب أن أنوه إلى ذلكم العلم الذي يختص بتفسير حالة الأخلاق والمعلومات عند البشر، وكيفية حصولنا على الخلق والموهبة والمعلومة التي نريد، وهي كعلم متخصص في بناء المعلومات وتنظيمها من المعلومات المكتوبة والمعلومات المسموعة وكذا المشاعر والأخلاق والمواهب، وأحببت أن آخذ الصدق كمثال أطبق عليه قواعد هذا العلم الشهير عالميًا.

أبدأ في تعريفات الصدق من الجانب العربي القديم قبل أن أبدأ به دينوتولوجيًا؛ يقول أبو بكر الوراق: “الصدق ثلاثة، صدق التوحيد، وصدق الطاعة، وصدق المعرفة”؛ وقال جعفر الصادق: “الصدق هو المجاهدة، وأن لا تختار على الله غيره كما لم يختر عليك غيرك”، والصدق كما عرف في أخلاق العرب فهو معلوم وكل عربي يمكن أن يرجع إليه في ضميره فيجد تعريفه سهلًا سائغًا سلسًا، فإن لم يجد فإن خلق الأعراب قد دخل على حاله العربي الأصيل، ويفهم ذلك ببساطة من تدرج العرب في الصدق فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقه أعلى من صدق الصحابة وإن كانوا حريين بالبحث عنه دومًا وغيرهم ويتدرج بين الصحابة أيضًا فمنهم من سمي صديقًا كأبي بكر ومنهم من سمي فاروقًا كعمر وسنفهم هذه الألقاب عن طريق الدينوتولوجي بعد أن أذكر تفسيري لظاهرة الصدق وفقًا لهذا العلم.

أما عن الصدق فإنه ستة مراتب: صدق القول، وصدق النية، وصدق العزم، وصدق الوفاء بالعزم، وصدق العمل، وصدق تحقيق مقامات الدين كما في الشكل أدناه:

الصدق

الناس تفهم غالبًا ما اسمه صدق القول، وتظن بأن الصدق بالقول كمال الصدق، ولكن يجب أن ينتبه الجميع إلى أن الصدق هو المرتبة الأولى من مراتب الصدق وسأشرح ذلك:
المرتبة الأولى: صدق القول؛ وهو صدق اللسان في الإخبار عن الأحداث، كانت أخبارًا حدثت في الماضي أو أخبارًا ستحدث في المستقبل، ولكي يتم هذا الصدق فيجب الابتعاد عن المعاريض وهي القول بكلام وتفهيمه بطريق على خلاف ما هو عليه في نفسه، والثاني وهي في مناجاة الله فعندما نقول “إياك نعبد” يجب أن تكون فعلًا هي صدق من اللسان بأن صاحبه لا يعبد إلا الله فلا يكون عبدًا لهواه ولا لمال ولا لشهوة وغير ذلك.

المرتبة الثانية: صدق النية؛ وذلك في دين الإسلام يسمى الإخلاص بان تكون الحركات والسكنات موجهة لرب الكون الله سبحانه وتعالى، ومثاله قوله تعالى عن المنافقين: “والله يشهد إن المنافقين لكاذبون”، مع أن المنافقين قالوا للرسول بأنك رسول الله وهذا صدق، ولكن كذبهم لا من حيث نطق اللسان وإنما من ضمير القلب، وفي حياتنا اليومية نرى الكثير من الناس من يقول: “هذا رجل ذكي، أو هذه امرأة جميلة” فهو صادق باللسان، ولكنه قد يكون في قلبه يذهب إلى قصد غير المفهوم من القول كالقول بأن هذه مجاملة بغرض الحصول على ما يريد، أو أنها جميلة شهوة منه وليس قصدًا في الجمال الحقيقي لها.

المرتبة الثالثة: صدق العزم؛ وهو أن يقول الإنسان في نفسه ما يريد أن يفعل، كأن يقول: “لو رزقني الله مالًا فإني سأتصدق بكذا من المال” وفي نفس العزيمة تردد وضعف بأن يتخيل بأن المال معه ويرفض التصدق بأن يقول هذا الكلام لعدم وجود المال لا أنه ينوي ذلك حقًا، وكذا على أمثلة الحياة اليومية فيقول: “لو نجحت في الاختبار فإنني سأطعم الطعام وأحن على الفقراء” فإنه أحيانًا يكون صادقًا بعزمه إلى آخر حده في قلبه، وإما أن يكون مترددًا ضعيفًا فيقول في نفسه قبل تحقق النجاح كيف لي أن أفعل ذلك ولماذا أفعله.

المرتبة الرابعة: صدق الوفاء بالعزم؛ عند إطلاق العزم فإن النفس تسخو به ببساطة فهو حديث عابر لا يترتب عليه إلا نفاذ الشرط لنصدقه، فلا مشقة في الوعد والعزم ما دام ليس فيه تحقق في لحظة إطلاقه، ولكن عند تحقق الحقائق وحصول التمكين، تبدأ الشهوات بمداعبة القلب فتغلب العزيمة وينتهي حال الوعد إلى حال ليس بخير حال، ومنهم من يصدق وفاءه صدق عزمه كمن قال الله تعالى فيهم: “رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه” فهذا جزء ممن يصدق وفاءه عهده، وأيضًا مثال من يخلفه بقوله تعالى: “ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما ءاتهم الله من فضله بخلوا بها وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم الله نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون”، فهنا جعل الله العزم وعدًا والوفاء به صدقًا والإخلاف به كذبًا، ومن واجب التنبه إلى أن الله عندما كذبوا عهده وخلفوا عزمهم أنزلهم من مرتبة الصدق الرابعة إلى الأولى فهم كذبوا الوفاء بالعزم وكذبوا العزم وكذبوا النية، وهنا مرتبة جل خطيرة ممنوع الوقوع فيها.

المرتبة الخامسة: صدق العمل؛ وهو أن يجتهد المرء بأن يجعل أعماله الظاهرة تدل دلالة أكيده على باطنه الذي يتصف به، لا بأن يترك الأعمال، ولكن يستجر الباطن إلى تصديق الظاهر، ومثاله بسيط وهو ان ترى إنسانًا يعجبك خشوعه في الصلاة فمن ينظر إليه ظاهرًا يظن بأن بين يدي الله، ولكن باطنه في السوق يدير ماله وشهواته هناك، وهذه أفعال تعرب عن الباطن كذبًا، ومن الناس من يرتدي أغلى الثياب وهو فقير وقد لا يقصد بذلك الرياء ولكنه كاذب لأن باطنه غير ظاهره ولا ينجو باستواء السريرة، فمخالفة الظاهر للباطن إن كانت عن قصد سميت رياء ويفوت بها الإخلاص، وإن كانت عن غير قصد سميت كذبًا ويفوت بها الصدق، فمساوة السريرة للعلانية أحد أنواع الصدق ومن عليا مراتبها.

المرتبة السادسة: صدق تحقيق مقامات الدين؛ وهي أعلى درجات الصدق وأعزها وأفضلها إطلاقًا فهي الصدق في الحب والخوف والرجاء والرضا والتوكل وسائر هذه الأمور، والصادق من نال حقيقتها، كقوله تعالى: “إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون”، وقوله تعالى: “ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون “، فلا يكون الإنسان صادقًا إلا إذا كان خوفه حقيقيًا من الله عز وجل، ونقول في ذلك مثالًا فترى الرجل يقول أنه يخاف الله كثيرًا ويخشاه، ولكن عندما يخاف سلطانًا أو قاطع طريق في سفره كيف يصبح لونه مصفرًا وارتعاش أطرافه ونفسيته المحطمة، فعندما لا يحدث ذلك عند ارتكاب معصية والخوف من عند الله فيجب أن يتأكد بان ادعاءه الخوف من الله كذب وعلى هذا يقاس باقي الأحوال في هذه المرتبة.

لعلي لم أذكر في هذه المقالة غير مراتب الصدق، وهناك مزيد قول في كيفية تحري الصدق وكشفه ومعرفة الصادق من الكاذب والبحث في جوانب ذلك، ولهذا مكانه ولا تصلح الكتابة في إيصاله، أتمنى أن أكون وفقت في ذلك وأخرجت على الشكل المرتضى والأسلوب المبتغى.

تعليقاتكم، ما أعجبكم وما تريدون
عاشق المواهب
عاشق المواهب
Admin
Admin

عدد المساهمات : 131
نقاط : 1732
تاريخ التسجيل : 05/11/2013
العمر : 30
الموقع : ميلة احمد راشدي

https://mtatar.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى